في ظل العدد الكبير لمؤسسات التعليم العالي عالمياً وإقليمياً، وفي ضوء التنافسية الشرسة في جودة البرامج الأكاديمية، وفرادة الأفكار والمعرفة التي تنتجها المراكز البحثية في المؤسسات الأكاديمية والصناعية، تتراجع فرص بقاء الجامعات والكليات التي لا تظهر تميزاً وحضوراً لافتاً بين مثيلاتها من مؤسسات التعليم العالي.
لقد اطمأنت بعض الجامعات سابقاً لمكانتها بين نظيراتها داخل الدولة، الشيء الذي حقق لها استقطاب أعداد مقبولة من الطلبة وتسيير أعمالها في ظل الحركة الكلية للجسم الأكاديمي الوطني، ولكن المستقبل القريب يؤشر لتنامي التنافسية واتساع مساحاتها مع ازدياد فرص الانفتاح بفعل تكنولوجيا الاتصال، حيث سيصبح من السهل تسجيل الطلبة للدراسة في جامعات خارج حدود الدولة دون عناء وتبعات كبيرة، كما ستلجأ الشركات والصناعات للاستفادة من الأفكار الجديدة بغض النظر عن أماكن تواجدها.
تستطيع جامعاتنا الأردنية تركيز الجهود والإمكانيات على فرص ومكامن التميز، حتى تزيد من قدرتها التنافسية إقليمياً وعالمياً، فقد تتميز بعض الجامعات أو الكليات في مجال الذكاء الاصطناعي، أو الطاقة المتجددة، أو تطبيقات التكنولوجيا في القطاع الطبي، أو الإرشاد النفسي، أو علوم الآثار والتاريخ، أو العلوم الطبية.
وقد تلتفت بعض الجامعات للتميز في مجال البحث العلمي لتكون جامعات بحثية، أو جامعات تتميز في برامج الدراسات العليا، أو أن تؤطر بعض الجامعات برامجها بالتقانة والتطبيق العملي المرتبط بالتكنولوجيا.
كما أنَّ الجامعات مطالبة بتمكين المراكز البحثية داخلها وإعادة هيكلتها وضبط إدارتها وفق البرامج الحديثة لإدارة البحث العلمي، إلى جانب ربط هذه المراكز بالصناعة والمؤسسات الوطنية، وعقد اتفاقيات تعاون حقيقي مع مراكز ومؤسسات عالمية وإقليمية، سعياً لتطوير الكوادر الأكاديمية والبحثية فيها وتميزها، إضافة لاهتمام هذه المراكز العلمية بقضايا بحثية وطنية ذات خصوصية، عدا عن تميزها أيضاً بأنها قضايا أصيلة يمكن أن تجلب باحثين ومهتمين من دول عديدة للشراكة في برامج بحثية تعالج هذه القضايا.
وفي مسار آخر تستطيع مراكز البحث في الجامعات أن تركز على قضايا عالمية كالمياه واللآجين والطاقة والاندماج في مشاريع بحثية عالمية.
التميز، والإبداع، والابتكار، والريادة، وعولمة البرامج، مفاهيم إدارية لا يمكن لأي مؤسسة أكاديمية أن تنافس مثيلاتها وتنجح في خططها، دون تبني فكر قائم على هذه المفاهيم وبناء برامج تستند إليها.